السلام عليكم ، شكرا لزيارتك منتدى شباب إعلام ، نتمنى أن تكون فى أطيب حال .
إذا كنت عضوا فى منتدى شباب إعلام ، اضغط دخول .
وإن لم تكن ، فيسعدنا اشتراكك معنا وانضمامك إلى أسرة منتدى شباب إعلام .
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Untitl11
" إدارة المنتدى"

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

السلام عليكم ، شكرا لزيارتك منتدى شباب إعلام ، نتمنى أن تكون فى أطيب حال .
إذا كنت عضوا فى منتدى شباب إعلام ، اضغط دخول .
وإن لم تكن ، فيسعدنا اشتراكك معنا وانضمامك إلى أسرة منتدى شباب إعلام .
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Untitl11
" إدارة المنتدى"
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اقرأ القرآن
مطلوب مشرفين
=
المواضيع الأخيرة
» (ذكراللـه): أن سيدنا موسي مصري!
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالجمعة أكتوبر 20, 2017 2:54 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» (((( خـطـة الشـيـطـان! ))))
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالسبت أكتوبر 07, 2017 7:00 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» (أسرار خطيرة جداً ممنوعة من التداول:لخفايا ما يحدث لمصر والعرب!الآن)
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالأحد سبتمبر 03, 2017 8:12 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» النائب محمد فريد زكريا: رسالة للشعب: في غفلتنا نجح مخطط إبادة شعب مصر!
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالأحد يوليو 30, 2017 5:08 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» النائب/ محمد فريد زكريا: (يكشف للشعـب!وللتاريخ؟) كيف دمرت مصر!وطوق شعبها بالفقر!)
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالأحد يوليو 30, 2017 5:06 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» النائب محمد فريد زكريا: رسالة للشعب: في غفلتنا نجح مخطط إبادة شعب مصر!
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالأحد يوليو 30, 2017 5:05 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» اسرار خطيرة جداً لمخطط إبادة 93 مليون مصري أو تشتتهم لتدمير المنطقة!
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالأحد يوليو 16, 2017 5:56 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» تمالى بينسانى
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالأحد أغسطس 28, 2016 10:03 pm من طرف hany4445

» قصيدة صرخة وطن
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالأحد أغسطس 28, 2016 3:03 am من طرف hany4445

» ( نعم أسقطوا الطائـرة الروسية بقنبلـة!فأكشفهم يـا ريـس!)
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالجمعة نوفمبر 20, 2015 10:30 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» ((( العـبقرية العربية هي الحـل! )))
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالجمعة نوفمبر 20, 2015 12:06 am من طرف النائب محمد فريد زكريا

» !!! (مـفـاجــآت مـذهــلـة ـ لـن تصـدقـونـهــا! ـ عـن طـيـبـة! وعـبـقـريــة العـرب!) !!!
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالجمعة أكتوبر 30, 2015 10:38 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» يـا شعب مصر:المياه ستصبح أغلي من البنزين!نص أوامـر أوباما!في زيارة أثيوبيا
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالأربعاء أكتوبر 07, 2015 10:32 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

»  النائب/ محمد فريد زكريا:أمريكا منعت مشروعنا لمحور قناة السويس1984والآن ذو عائد 350 مليار دولار سنوياً!
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالسبت أغسطس 08, 2015 1:46 am من طرف النائب محمد فريد زكريا

» (( من قتل القادة العرب؟؟! ))
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالثلاثاء أبريل 14, 2015 10:14 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» الخليجيون للمطابخ
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالثلاثاء مارس 17, 2015 8:02 am من طرف nikkigib

» النائب/ محمد فريد زكريا: نبـايـع!ونطالب القادة العرب بمبايعة الملك/ سلمـان زعيماً للعرب!)
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالسبت يناير 24, 2015 10:37 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» النائب/ محمد فريد زكريا: يا الـله! ويا رسول الـله! أنقذوا العرب من هذا الـذل والعــار
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالإثنين ديسمبر 29, 2014 10:33 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» النائب محمد فريد زكريا:أسرار مذهلة عن تأمر أمريكا علي العرب! والصين!وروسيا!
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالأربعاء ديسمبر 24, 2014 10:06 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» (عاجل من خادم الشعب إلي الرئيس!)
نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Emptyالثلاثاء نوفمبر 18, 2014 5:45 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

الساعة الآن
>

صفحتنا على facebook
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

زوارنا من أين؟
عداد الزوار

نشأت الفلم القصير :: أفلام الرحلات :: الأفلام الوثائقية

اذهب الى الأسفل

نشأت  الفلم   القصير  :: أفلام  الرحلات  :: الأفلام الوثائقية Empty نشأت الفلم القصير :: أفلام الرحلات :: الأفلام الوثائقية

مُساهمة من طرف الملاك البرىء الإثنين سبتمبر 20, 2010 4:15 am


مقدمة :
من الإشكاليات الهامة التى شغلت أذهان الكتاب والعلماء المهتمين بالدراسات السيكولوجية الخاصة بديناميات الإبداع الفنى لدى الفنانين , هى محاولة الإجابة عن السؤال التالى : لماذا يختلف الفنانين عن بعضهم البعض عند اختيار كل واحد منهم للمجال الفنى الذى يشعر بالإنتماء إليه وبقدرته على الإبداع فيه دون غيره من المجالات.

فهناك مثلا الفنان الذى يحب الشعر ويبدع فيه , وآخر يسلك طريق الأدب ويكتب القصة , وثالث لا يحب ذلك ولا ذاك ولكن يجد نفسه محبا ومبدعا فى عالم الموسيقى , وفنان أخر رابع يعشق السينما ويجد طريقه فيها بسهولة , ويتطور الآخر إلى أبعد من ذلك حينما تختلف أتجاهات الفنانين داخل فن السينما نفسه عندما نرى من يختار مجال كتابة السيناريو , وآخر يختار المونتاج , وثالث يعشق التصوير , ورابع لا يجد ضالته المنشودة وحبه الأثير إلا فى مجال الإخراج.

ويتطور الأمر أبعد من ذلك أيضا حيث تفرق الطاقات الفنية الخلاقة للعاملين فى مجال الفن السينمائى حينما يتحدد الاتجاه منذ البداية تحت الصنفين الرئيسين للفن السينمائى وهما السينما الروائية , والسينما التسجيلية حيث نجد أن لكل فرع منهما محبين وعاشقين ومتخصصين ولا يرضى كل فريق عن العمل تحت راية الصنف الذى اختاره بديلا ويعتبر نفسه راهبا فى محرابه يقضى فيه سنوات عمره طائعا راضيا ..هانئا.

نشأت الفيلم القصير

كان الأنسان الأول يرسم على جدران كهفه ما بقى لنا حتى الأن دليلا على قدم فن الرسم وبقية الفنون الجميلة , والموسيقى التى بدأت قديما بمزمار الرعاة تطورت حتى وصلت حديثا الى الموسيقى الالكترونيه , والمسرح الذى بدأ باقنعة الحيوان عند الفراعنة استمر حتى وصل الى مسرح برتورلد بريخت وغيره , أما السينما فلا تدعى شيئا من هذه الأصالة التى بناها تتابع السنين ومرورالزمن , فسنها فقط أكثر من مائة عام بقليل . ومع ذلك فتطورها كان سريعا الى درجة مذهلة حقا , ففى هذه السنوات المائة بدأت السينما كلعبة أطفال ثم اصبحت فنا قويا له قواعده , ثم اضيف اليها الصوت فنطقت , ثم اللون , ثم البعد الثالث , ثم الفيستافيزيون والسينراما , ثم محاولات اضافة الرائحة , ثم التليفزيون , واخيرا الثورة التكنولوجية الرقمية الهائلة. ولاندرى ماذا سياتى به الغد . ولهذا التطور السريع اسبابه العديدة منها :

1) السينما جمعت واستغلت الفنون الأخرى التى تقدمتها مما اكسبها قوة دافعة عجيبة وجعلها تعتبر بحق محصلة لها.

2) السينما تعتبر اصدق تعبير عن روح هذا العصر . فهى فن جماعى اذ لايمكن انتاجها الا عن طريق اشتراك مجموعة كبيرة من الفنانين و العمال . ومن ناحية اخرى تعتبر فن شعبى , فالفيلم يطبع منه نسخ عديدة توزع فى جميع انحاء العالم فيشاهدها الملايين من الناس .

3 ) السينما تسد حاجة الأنسان الحديث الى التسلية فى هذا العصر الشديد التعقيد ولو عن طريق ما تخلقة من أحلام وأوهام.

4) السينما أخطر سلاح فعال فى الدعاية . فإذا حللنا مضمون او محتوى أى فيلم ؟ فسنجد أنه ليس مجرد تسلية أو تعليم أو ثقافة فقط بل هو دعاية أيضا . وقد اثبت علماء الأجتماع ذلك واعترفت به ابحاثهم وطفحت به كتب هذا العلم - علم اجتماع الفيلم - الذى اصبح له دارسون ومتخصصون والخطورة هنا ليست مجرد تقليد المتفرج للمظاهر السطحية التى قد تبدو للبعض بريئة فى مظهرها ولكنها تكمن فى التطبع بالعادات الضارة والانحلال الخلقى , وهذا اخطر ما تحويه الأفلام ذات المظهر الساذج من دعايات سياسية خفية أشبه بالسم فى الدسم . أذن لا مناص من أعتبار كل فيلم سواء أكان طويلا أم قصيرا أنه للتسلية وللتعليم وللثقافة ومحتويا دعاية من نوع ما . واذا كان هناك لازال بعض الشك فى هذه الناحية فلنذكر المانيا النازية وكيف استخدمت هذا السلاح الفعال ألا وهو الفيلم , وثبتت أضراراً لا تنمحى من الأذهان .

وبعد قيام الثورة الصناعية نشأت الحاجة إلى نشر التعليم على أوسع مدى ممكن ، وحملت الدولة العبء، وأصبح التعليم من مهامها الأولى ، بل واتجه ناحية المجانية . ولكن لما كان التطور الصناعي في سيره أسرع من انتشار التعليم لذلك كان لابد من طريقة سهلة قصيرة مختزلة تتبع في عرض نشاط المجتمع على أفراد المجتمع . لهذا لجأت الحكومات إلى الأفلام التعليمية ، لا داخل حجرات الدراسة فقط ، بل وخارجها أيضا فى محاولة اختزال التعليم ونشر الثقافة فيما يسمى بالأفلام الإخبارية أو الثقافية .

وإذا نظرنا نظرة عاجلة إلى تاريخ الفيلم القصير ، سوف نخرج بما يلي:

1) إن الفيلم الروائي ليس كل شيء في السينما وأن أنواعا أخرى للفيلم لها في المدى الطويل نفس أهمية الإنتاج الروائي للأستوديوهات التجارية إن لم يكن أكثر منها أهمية.

2) إنه وإن كان لفيلم التسلية مكان مرموق في مجتمعنا الحديث ، إلا أن وظيفته ليست تحذير الوعي الاجتماعي والوطني للمتفرجين ، فالفيلم الروائي الجيد شيء ضروري لا غنى عنه تماما كالقصة الجيدة أو التمثيلية الجيدة.

3) يصبح الفيلم الروائي خطيرا , عندما يجري وراء الربح الشخصي أو المصلحة الشخصية ، أو عندما يهدد بخنق كل مناهج السينما الأخرى ، أو عندما يميل إلى أن يصبح مخدرا بدلا من أن يكون منبها وموقظا للوعي.

4) أصبحت السينما حية خارج حدود الأستوديوهات ، ووجدت خلاصا مؤقتا في خدمة أهداف التعليم والإقناع . ووجدت ما ينعشها بعيدا عن الأستوديوهات التي تمنع تناول الواقع بطريقة خلاقة ، والتي قال عنها جريرسون: "إنها تمنع انطلاق الفكر كما تمنع تردد صدى الصوت"..

ظهور الفيلم التسجيلي

إن ما درجنا على تسميته بالفيلم التسجيلي لم يظهر كمنهج مميز لصنع الفيلم في لحظة معينة من تاريخ السينما. فهو لم يظهر فجأة كمفهوم جديد للسينما في أي إنتاج معين بالذات، والأصح أن نقول إن الفيلم التسجيلي قد نشأ على مدى فترة من الزمن ولأسباب مادية، فكانت نشأته :

أ) من ناحية كنتيجة لمجهود الهواة ...
ب) ومن ناحية أخرى، خلال خدمة أهداف دعائية ...
ج) ومن ناحية ثالثة، خلال خدمة الجمال الفني .
ومن الواضح أن القسم الأكبر من وقت صناعة السينما قد انفق في تحسين إنتاج وبيع نوع واحد من أنواع الفيلم ، ذلك هو "القصة المصورة التي تنتج بوفرة في الأستوديو" . ووجهت القليل من التفكير نسبيا إلى :

أولا : إمكانيات مناهج السينما الأخرى ، باستثناء حالات نادرة جدا ، كظهور شخص مثل والت ديزني ، وحتى في هذه الحالة علينا أن نذكر كفاحه وصراعه قبل أن يحرز النجاح التجاري .

ثانيا : إلى احتمال أن جمهور المتفرجين قد يشتمل على أنواع مختلفة من الناس لهم وجهات نظر مختلفة متنوعة .

وكنتيجة مباشرة، فإن عجلة العمل في الأستوديوهات ونظام التسويق ، تطورا بحيث يعالج نوعا واحدا من الأفلام لا غير. وهو الأمر الذي جعل من الصعب على فيلم من نوع مختلف أن تستقبله صناعة السينما الاستقبال اللائق ، اللهم إلا إذا أبدى الجمهور رغبته فيه بوضوح. وهكذا سنرى أنه برغم تكرار ظهور أفلام تتناول موضوعات طبيعية ، فإنها نادرا ما حظيت بتأييد قوي من صناعة السينما، كما لم يوجه أي انتباه جدي حقيقي إلى الأفلام القصيرة ذات الطابع الخاص لذاتها. بل إن الأفلام القصيرة اعتبرت هدايا أو تكملة أو مجرد ملء خانة تقدم بلا حساب مع فيلم روائي رئيسي . وغالبا ما كانت تقدم مختصرة اختصارا مزريا ونسخ عادة مشوهة أو في حالة سيئة ، ونادرا ما تنال شرف التحدث عنها في الصحافة .

أفلام مهدت لظهور الفيلم التسجيلي :
يمكن اعتبار الأنواع الآتية من الأفلام كانت بدايات وتمهيدات لظهور الفيلم التسجيلي :

افلام الرحلات : Travel Films

صنعت أغلب هذه الأفلام من أشخاص خارج نطاق صناعة السينما ، فقد نتجت عن مجهود الهواة ، وليس من المبالغة في شيء القول بأن ثلثي الذين حاولوا أستخدام السينما من أجل أهداف خلاف قص القصص الروائية , جاءوا من مصادر بعيدة تماما عن صناعة السينما.

إلا أنه منذ عهد مبكر في تاريخ السينما وجدت مثل هذه الأفلام طريقها إلى الإنتاج ، فبرغم عدم اكتراث شركات الإنتاج ومؤسسات التوزيع باستخدام الكاميرا من أجل أهداف أوسع من قص القصص ، فإن الرغبة في ذلك قد تزايدت ، ومنذ الحرب العالمية الأولى وحماس الجمهور لها في نمو مطرد . إن حقيقة كون الكاميرا وشاشة السينما لهما القدرة على أن تعرضا لنصف العالم كيف يعيش النصف الآخر ، هذه الحقيقة خلقت أفلاما عديدة من أفلام الرحلات البسيطة في صنعها مثل السلسلة المسماة أحاديث سياحية Travel talks ، وسلسلة فوكس "البساط السحري" Magic Carpet . ولكن من هذه الجهود المتواضعة اتضح أن الإمكانية متاحة أمام الفيلم لكي يعبر عن شيء آخر غير القصص الروائية التي تولد وتصل إلى الشاشة بالطرق العادية.

كان الوصف المصور وما يزال ـ بفضل مقدرة الكاميرا على تسجيل صورة كافية في أمانتها ، وكان اهتمامها الحقيقي متجها نحو الجاذبية الواضحة للمادة المصورة التي جمعوها من جميع أنحاء العالم وعبر عنها مصوروهم بمهارتهم التقليدية . إن أفلام رحلة إلى الكونغو Voyage au Congo , وإفرست Everest تعتبر تقدما ملحوظا عن محاضرات الفانوس السحري، ولكن يصعب القول بأنها أضافت كثيرا إلى الفيلم باعتباره أداة ذات قوة خلاقة لها على الأقل فضل استكشاف مجال جديد.

الأفلام الإخبارية : News Films

استفاد هذا الشكل من الأفلام من القوة الكامنة في الكاميرا والتي يستطيع عن طريقها الحصول على العديد من النسخ وذلك بتقديم استعراض دائم التغير للأحداث اليومية . ولابد أن نعترف بأن هذه الأفلام لم تكن على قدر كبير من الحذق ، فقيمتها تكمن في السرعة والمخاطرة والجرأة . إلا أن جاذبيتها الأساسية ظلت تكمن في تقديم الأحداث الواقعية في بيئاتها الحقيقية ، وكان ذلك منهجا إخباريا ولو أنه بدأ بدائيا .

المجلات السينمائية : Cinema magazines

زحفت موضوعات أخرى كثيرة إلى هذا الميدان النامي للسينما غير الروائية مستكشفة الإمكانيات الساحرة للكاميرا بمجرد توفر الموارد اللازمة. فالمجلات السينمائية أدخلت على السيليولويد أسلوب الدوريات الشعبية.

المقابلات الشخصية : Personal Interviews

وقد عولجت الرياضة عن طريق هذه المقابلات، كما في سلسلة متروجولدوين ماير.

التصوير السينمائي الميكروسكوبي : Nature Films

وقد استقصى هذا النوع من تصوير ظواهر التاريخ الطبيعي وعلم الأحياء، وخاصة في أفلام بيرسي سميث "أسرار الطبيعة Secrets of Nature "، وأفلام جان بينليفيه" الجميلة عن الأسماك Jean Pain eve .

الأفلام الوطنية: Epic Films

بعثت أحداث الحرب العالمية الأولى وعادت إليها الحياة بحقنها بالصبغة الوطنية الملائمة كما يظهر في أفلام بروس وولف مثل فيلم "معركة فولك لاند".

7.الأفلام العلمية والطبية :Scientific Films
سجلت التجارب العلمية والطبية من أجل صالح الأجيال المقبلة، والمثال على ذلك فيلم "كانتي Canti" ، وكان عن السرطان.


كانت كل هذه الأشكال من الأفلام مجهودات متواضعة لاستخدام السينما من أجل أغراض أكثر طموحا من مجرد قص القصص . ولكن الحد الذي بلغته لا تكاد تكفي لاعتبارها أكثر من حقائق مسجلة ليس لها من فضل أكثر من استخدامها المعتاد للمادة والموضوعات الموجودة بشكل طبيعي وإيثارها على المفاهيم الاصطناعية للأستوديوهات ، واقتصرت من حين لآخر على مجرد محاولة عمل مونتاج يتيح تقديم الحقائق في ثوب متألق مصحوبا بتعليق مناسب إذا فهي لم تبذل أي جهد لتناول موضوعاتها من وجهة نظر خلاقة أو حتى درامية ، ولم تحاول التحكم في اختيار اللقطات بمناهج تخرج عن الوصف البسيط ، ولم تسع إلى التعبير عن صحة أو تحقيق أي هدف خاص ، كما أنها لم تستكشف تماما الخواص الكامنة في الكاميرا والميكروفون . ومن بين هذه الأشكال من الأفلام التي ظهرت خارج الأستوديو ، برز شكل الفيلم التسجيلي Documentary Film :

أ) بعيدا نوعا من حدود الوصف البسيط للفيلم التعليمي .
ب) أكثر تخيلا وتعبيرا عن فيلم الإعلان الصريح .
ج) أعمق في المعنى وأكثر حذقا في الأسلوب من الفيلم الإخباري .
د) أوسع ملاحظة من الفيلم السياحي أو فيلم المحاضرات .
هـ) أكثر تبحرا في المضمون والاستدلال من مجرد الفيلم المشوق الساذج .

وهكذا يمكن أن نصف منهج الفيلم التسجيلي بقولنا إنه مولد السينما الخلاقة .
ظهرت كلمة تسجيلى Documentary بانتظام في أوائل العقد الرابع من هذا القرن في ميدان النقد الجاد للأفلام , والواقع أن الكلمة ظهرت لأول مرة قبل ذلك بأعوام في مقال كتبه جون جريرسون John Grierson لجريدة نيويورك سن New York Sun، وهي مأخوذة من الكلمة الفرنسية Documentaries التي أطلقها الفرنسيون على افلام الرحلات .


جون جريرسون

وقد أستخدمها جريرسون حينئذ في حديثه عن فيلم نانوك Nanook لللمخرج روبرت فلاهرتي Robert Flaharty ، وهو عن حياة سكان جزر البحار الجنوبية ، ولم تمض 15 أو 20 سنة حتى أصبحت هذه الكلمة تمثل استعمالا جديدا ضخما للفيلم في ناحية التحليل الاجتماعي .

مناهج الفيلم التسجيلي

تنقسم الأفلام التسجيلية بشكل واسع إلى أربع مناهج ، تتطلب كل منها تقديرا منفردا ، حيث أن كل منهج ينتج من تناول مختلف للمادة الموجودة :

أولا : منهج التقاليد الطبيعية - الرومانتيكية :
وهي أول منهج من مناهج الأفلام القصيرة ، وتشمل التقاليد الطبيعة أو الرومانسية في الأفلام التسجيلية . فأستخدام المنظر الطبيعي والبيئة المعتادة قد وجدت مكانا في السينما الروائية في مراحلها المبكرة ، وما زال المنظر الخارجي حتى الوقت الحاضر يلعب دورا هاما في كثير من الأفلام الروائية ، إلا أن مثل هذه المادة الواقعية كانت لا تستخدم إلا كخلفية تلعب شخصيات القصة أدوارها أمامه ، ولم يكن يعتبر ذا أهمية أولية لذاته ، وقد بذلت محاولة ضئيلة للربط بين الشخصيات والبيئة الطبيعية المحيطة ، ولكن نادرا ما كانت القصة مرتبطة بالبيئة ، والمواقف الروائية وأبطالها الخياليون مفروضون على هذه الخلفيات ويتم الفصل بينهما عن طريق مناظر الأستوديو ، والأزمة الدرامية لا تنبع من السمات الطبيعية للبيئة المحيطة ، بل من الميول والدوافع الشخصية لشخصيات الرواية المختلفة ، وعادة تختار الخلفية وكذلك الموضوع لمجرد أهميته الذاتية . وتعتبر بعض أعمال جريفيث الأولى استثناء من هذه الملاحظة من ناحية اعترافه بقيمة العناصر الطبيعية التي تقوى التجارب العاطفية للشخصيات ، ومثال ذلك الجليد والثلج في فيلم الطريق شرقا Way Down East ، والخلفية الطبيعية في أفلام ماري بيكفور الأولى .

وكان الاستخدام الأكثر أهمية للخلفية الحقيقية في أمريكا في أفلام الويسترن التي ظلت سنوات عديدة تقدم ترفيها شعبيا للعالم أجمع ، ومع ذلك كان اختيار المادة الطبيعية يحتل مكانا ثانويا في هذه الأفلام بالنسبة للمنظر المثير لضرب النار وحيل رعاة البقر. ولم تقتصر التقاليد الطبيعية على مناظر أفلام الويسترن ، فالسياحة والمغامرة كانت تجذب المصورين المتجولين ، الذين يعودون من رحلاتهم بتسجيلات رائعة للحياة الغريبة في أركان العالم البعيدة والتى كانت تسهم في تثقيف سكان المدن وإرضاء فضولهم .

ولم ينقذ روبرت فلاهرتي من مصير هؤلاء المصورين المتجولين سوى موهبة فطرية للتصوير وعينه التي تستطيع أن تلحظ الجانب الدرامي الجوهري في صراع الإنسان ضد الطبيعية. فقد اصطحب فلاهرتي كاميرا خلال إحدى الرحلات التي قام بها في خليج هدسون Hudson Bay ، ولكن أتت النار على ما كل ما قام بتصويره في أول الأمر، لكنه قام عام 1920 بزيارة لحساب إحدى الشركات التي تتاجر في الفراء، وهناك عند مصب أحد الأنهار استقر رأيه على أن يخرج فيلما عن الإسكيمو، باسم " نانوك Nanook" مستخدما أحد صيادي بقر البحر كشخصية رئيسية في الفيلم.


روبرت فلاهرتي


فيلم "نانوك" Nanook:
اختلف هذا الفيلم الذي أخرجه فلاهرتي عن الإسكيمو , عن الأفلام ذات المادة الطبيعية التي سبقته وأيضا عن كثير من تلك الأفلام التي أعقبته من ناحية بساطة شرحه للحياة البدائية التي يعيشها الإسكيمو، والتي ظهرت على الشاشة في تصوير بديع قبل عهد الأفلام البانكروماتك Panchromatic ، وامتاز أيضا بفهمه التخيلي الذي يكمن خلف استخدام الكاميرا ، فقد أبرز المشكلة الجوهرية للمياه في تلك المناطق القطبية ، وهي "الكفاح من أجل القوت" عن طريق لقطات اختيرت ببراعة وعن طريق شعور صادق بالمصالح الجماعية لشعب الأسكيمو ، ومن ذلك ظهرت قوة ملاحظة فلاهرتي أعظم من الشرح المجرد الذي قدمه المصورون الطبيعيون الآخرون . فلم يظهر الفيلم مجرد الكفاح اليومي الذي يخوضه شعب الإسكيمو من أجل الحياة، بل أوضح أن تقدم المدنية يتوقف على مقدرة الإنسان المتزايدة في جعل الطبيعة تخدم غرضا معينا ، وعلى مهارته في إخضاع العناصر الطبيعية لكي تحقق أهدافها. ولذلك يقال إن السينما لم تتناول موضوعا بشكل أكثر بساطة من عرضها كيف يبني نانوك كوخه الثلجي , رغم احتواء الموضوع على الجانب الإرشادي . وباختصار، فإن هذا الفيلم قد خلق تناولا جديدا تماما للمنظر الحي مشكلا الأساس لمنهجٍ , عمل فلاهرتي فيما بعد على تطويره .


فيلم نانوك سنة 1920


وقد عرف النجاح التجاري الذي حققه فيلم نانوك فلاهرتي بأقطاب السينما ، فتعاقدت معه بارامونت Paramount Pictures Corporation على الذهاب إلى البحار الجنوبية ليعود بنانوك آخر، وكان هذا هو المدى الذي يمكن للعقول التجارية الساعية وراء الربح أن تصل إليه في مجاراتها للمفهوم الطبيعي في الأفلام . والحقيقة أن فلاهرتي أرسل على أمل أن يعود بصور النساء العاريات ، فتلك هي الخدمة الرئيسية التي يستطيع أن يقدمها السكان الأصليون لمنتج الفيلم . ولكن بدلا من ذلك عاد فلاهرتي وقد ألف قصيدة حساسة عن سكان جزر ساموا Samoa ، بأسم موانا Moana , أوضح موضوعها كيف لجأ السكان الأصليون كي يؤكدوا رجولتهم إلى خلق طقوس رسمية مؤلمة ، هي الوشم .


فلاهرتي، أثناء تصوير فيلم موانا 1926


وقد حظي فيلم موانا Moana باهتمام أكبر مما حظي به نانوك من قبل :
أولا : لبداية حركات الكاميرا الخلابة التي تحققت بشكل أكبر في أعمال فلاهرتي التالية ، وفيه كانت بداية الإحساس بروعة الأشياء الطبيعية ، أما من ناحية التصوير، فإن هذا الفيلم يعتبر أول فيلم طويل ينتج بإستخدام أفلام البانكروماتيك Panchromatic (فيلم أسود وأبيض، حساس لجميع ألوان الطيف البصري).

ثانيا : الأهم من هذا أنه أظهر بوضوح مناهج فلاهرتي الخاصة في العمل ، وقد قال عنه جريرسون: "أصبح من المبادئ المقررة أن تنبع القصة من البيئة وأن تكون هي القصة الجوهرية لهذه البيئة، فإن الدراما عند فلاهرتي إذن هي دراما الأيام والليالي، ودورة فصول السنة والصراعات الأساسية التي تضمن لشعب مقومات الحياة أو تكفل الكرامة لقبيلته ."

وبمعنى آخر:
أن مادة الموضوع يجب أن تستخلص من مصدرها الأصلي ويستوعبها العقل قبل البدء في إنتاج الفيلم فعلا، وقد كان هذا نادرا في أفلام السياحة التي سبقت أو عاصرت نانوك وموانا.

أن المادة المستخدمة في الفيلم بينما تصور من واقع الحياة، وهي بذلك واقع مسجل ، إلا أن اختيار اللقطات حسب إدراك واعٍ لأهميتها يجعل الفيلم تعبيرا دراميا خاصا عن الواقع ، لا مجرد وصف مسجل.

وقد عرضت شركة بارامونت فيلم موانا على الجمهور على أنه يمثل الحياة الغرامية لفتاة البحار الجنوبية ، ومهدوا له بعدة فتيات شبه عاريات يرقصن مع النغمات الصاخبة . أما فلاهرتي ، الذي ساءه هذا الموقف من عمل استغرق منه عامين من الجهد الشاق ، فقد حاول أن يكون تاجرا نظيفا بأن عرض موانا في ست مدن كبرى بالولايات المتحدة ، بعد أن لجأ إلى حشد الهيئات التعليمية ليكونوا جمهوره في دور العرض ، وقد أذهل هذا رجال صناعة السينما ، ولكنهم لم يفطنوا لمغزى ذلك الأمر، فقد كان المنهج التسجيلي كتاب مغلق أمام أقطابهم .

وأعقب هذا فترة نزاع بين فلاهرتي والشركات المختلفة : أولا : مع شركة مترو حول زيارة أخرى قام بها للبحار الجنوبية، وانتهى النزاع هنا برفضه صراحة إدماج نجوم قصة مختلفة من قصص هوليوود في فيلمه ظلال بيضاء White Shadows ، وتنازله عن الفيلم راضيا لمخرج أكثر تساهلا مع ضميره . ثانيا: ولسبب مشابه ، أوقف العمل في فيلم لشركة فوكس بأسم "رقصة المطر" عن الهنود الحمر في نيومكسيكو، بعد أن قام ببحث تحضيري بواسطة آلة تصوير فوتوغرافي ـ ثم أجرى فلاهرتي بعض التجارب الملونة لإدارة المتاحف بنيويورك، كما أخرج فصلين عن جمال ناطحات السحاب استخدما فيما بعد كخلفية لرقصات ملهى روكسي .

وأخيرا انطلق فلاهرتي مرة أخرى إلى البحار الجنوبية مع المخرج ميرنو Murnau الألماني الذي كان يعمل من قبل في أستوديوهات الأفلام الروائية ، وهناك أخرجا قصة رومانتيكية عن شاب يعصى محرمات قبيلته ، فتتعقبه نقمة الآلهة.


فيلم تابو 1931

ولقد حوى فيلم تابو Tabu كل ما أضفته الطبيعة من جمال على أماكن تصويره ، فالزوارق تلمع في ضوء الشمس ، ورقصات الطقوس الدينية تؤديها فتيات جميلات أمام بحار هادرة ورمال ذهبية . ولكن كان من الواضح أن منهج فلاهرتي في تناول موضوعاته كان موضع خلاف بينه وبين عقلية ميرنو، والذى أكتسب خبرته في الأستوديوهات الروائية ، والنتيجة أن انحدر الفيلم إلى مجرد وصف شاعري جميل لأسطورة قديمة ليس لها أهمية.


من فيلم تابو

بعد ذلك سافر فلاهرتي إلى أوروبا حيث أخرج لمجلس التسويق الإمبراطوري E.M.B فيلما عن التقاليد الحرفية في بريطانيا اسمه بريطانيا الصناعية Industrial Britain سنة 1933 .


بريطانيا الصناعية 1933

ثم عهدت إليه شركة جومون البريطانية بإخراج فيلم عن إحدى جزر آران على الشاطئ الأيرلندي ، وقد ظهر فيلم رجل من آران Man of Aran سنة 1934، ليقدم لنا منهج الفيلم التسجيلي الشاعري في أشهر درجاته تطورا ، ففيه حقق فلاهرتي كل رغباته التي راودت عقله منذ نانوك . وقد أنفق فلاهرتي عامين في إنتاج الفيلم ، ووجد في هذه الجزيرة الوعرة موطنا ملائما لمنهجه ، فهي مكان يمكن أن تلحظ فيه الإنسان في فلسفته البدائية للحياة ، ملخصة في صراعه الخارجي ضد عدوه البحر، فالصراع بين الإنسان والطبيعة لم يسبق أن شاهده رواد السينما في ذلك الحين بهذه الجودة ، وإذا كانت هناك فكرتان قد تنازعتا أمرهذا الفيلم ، فقد كانت كل منهما تنشد التحقيق الكامل للموضوع ، فأسماك القرش تجذب المتفرجين إلى شباك التذاكر ، بينما مناظر البحر تستهوي المتفرج العاطفي. ولكن عدم وجود الجانب الروائي المختلق هو على كل حال مبرر قاطع لاعتبار الفيلم من الأفلام التسجيلية ، فالكاميرا فيه تستخدم لكشف جوهر الصراع الدرامي من أجل الوجود.


رجل من آران 1934

هكذا رأينا أن التطور في استخدام المناظر الخارجية في الأفلام الروائية مثل أفلام الغرب والأفلام السياحية عن طريق الملاحظة البسيطة للناس والأشياء والأماكن بشكل وصفي تهيأت له الكاميرا تماما ، وأنه انتقل إلى فلاهرتي مع الموضوع الرومانتيكي الشاعري عن الإنسان وصراعه ضد الطبيعة في البحار النائية عن العالم الحديث .



ثانيا : منهج التقاليد الواقعية :
نبعت المعالجة الواقعية للمادة والموضوعات الموجودة فعلا حولنا في المكان الأول من حركة طليعة السينمائيين في فرنسا ، أولئك الذين استولت على عقولهم الخدع السهلة للكاميرا السينمائية فأنتجوا الكثير من الأفلام القصيرة التي تتناول مختلف جوانب الحياة الفرنسية سواء في باريس أو في الريف . وهذه الأفلام نادرا ما كانت عميقة وإن صدر أغلبها عن بديهة حاضرة , فملاحظاتهم عن مشهد المدنية المعاصرة محدود بمقارنات سطحية بين الفقر والغنى ، وبين النظافة والقذارة ، وقد غذت هذه الأفلام جمعيات الفيلم ، وكانت إنتاجا يعبر تماما عن حركة الفن للفن ، ومن أحسنها فيلم " لا شيء غير الوقت Nothing But Time " سنة 1926 للمخرج ألبرتو كافالكانتي Alberto Cavalcanti ، الذي بنيت على غراره غالبية أفلامهم والذى صدر عن اهتمام جدي بالفيلم التسجيلي .


ألبرتو كافالكانتى

وقد استغرق تصوير هذا الفيلم، الذي يعتبر الأول في سلسلة أفلام "يوم في حياة مدينة" أربعة أسابيع ، وتكلف 25 ألف فرنك . وقد سبق فيلم روتمان المسمى برلين بأشهر عدة ، رغم أن الأخير عرض أولا في بريطانيا وأمريكا وسلب بذلك كافالكانتي الكثير من فضله. ولكن فيلم لا شيء سوى الوقت سيذكر دائما باعتباره يصور مرور الوقت خلال يوم في باريس، مع تكرار ظهور نفس الشخصيات في أوقات مختلفة ومهام متباينة ، فقد كان المحاولة الأولى للتعبير بالسينما عن حياة مدينة بطريقة خلاقة . ورغم أن الفيلم غير متقن الصيغة بالنسبة لنظرتنا الحديثة ، وخاصة فيما يتعلق بالمونتاج، إلا أنه كان في عام 1926 يعتبر فتحا في ميدان جديد ، فقد بيّن إمكانية التعبير عن الواقع المحيط بنا في مقابل الشاعرية العاطفية للأماكن النائية في طريقة فلاهرتي.. فصراع الإنسان ضد الطبيعة في الجزر النائية قد حدد هدف أحدهما، بينما تحدد هدف الآخر بصراع الإنسان ضد الشارع وضد اضطراب المدينة.

ومن الجائز أن كافالكانتي قد فشل في ذلك الوقت في الوصول إلى تحقيق هذا الهدف بطريقة اجتماعية كاملة، ومن الجائز أنه كان يفتقر إلى الوسائل البصرية التي تمكنه من أن ينقل إلى الشاشة قطاعا مستعرضا للمدينة، ولكن فيلمه قد مر على الأقل بتجارب الحياة الحديثة، وحاول خلق الجو الدرامي حول الأشياء العادية في البيئة المألوفة وهو في هذه الحدود الضيقة يستحق منا الاعتراف بفضله.

روتمان : Rotman
أما فيلم برلين، وهو يشبه الفيلم السابق في بعض نواحيه، فقد استغرق إنتاجه ثمانية عشر شهرا، بين عامي 26-1927 لحساب شركة فوكس ، واشترك فيه مع روتمان السيناريست كارل مير بالفكرة، وكذلك المصور الفوتوغرافي الفنان كارل فريند، بالإشراف . وقد انسحب ماير من الفيلم قبل انتهائه زاعما أن روتمان قد ابتعد عن فكرته الأصلية ـ فكرة ماير ـ عن فيلم عن الناس العاديين في بيئتهم العادية .

الفيلم ينقلنا إلى ضواحي المدينة وهي تستيقظ، حيث يبدأ النهار بعودة المعربدين إلى بيوتهم، وخروج العمال من مساكنهم، ثم يكثر ارتفاع الستائر وفتح الشبابيك، وتتهيأ المدينة للعمل بتركيز على ضغط حركة المرور والاستغراق العادي في الآلات، ومع الظهر نرى الطعام وخليط من المقارنات بين طبقة وأخرى إلى أن يحين موعد استئناف العمل مرة أخرى.أما فترة بعد الظهر فيشغلها انهمار المطر، وحادث انتحار. ثم ينتقل إلى وقت الغروب ووسائل التسلية الكثيرة لمن يعمل بالمدينة فقيرا أو غنيا حتى نصل أخيرا إلى نهاية مبتورة غير وافية.

لقد استفاد روتمان كثيرا من مناهج السوفييت في المونتاج، فقد اعتمد فيلم برلين على المونتاج والتوقيت السليم ليصل إلى تأثيره السيمفوني. وذلك هو السبب في أن الافتتاحية بلقطاتها المتحركة الجميلة التي تصور عجلات القطار والقضبان وأسلاك البرق والقاطرات تخترق المناظر الخلوية قد لاقت استحسانا أكثر مما لاقته مشاهد المدينة نفسها ، تلك المشاهد التي كان الحافز إليها يتجه نحو المعالجة الجمالية لمظهر المنظر أكثر من اتجاهه إلى المغزى الذي يتضمنه ويكمن وراءه . ولكن أهمية الفيلم هي في كونه خطوة أخرى تبعدنا عن حدود الفيلم الروائي، خطوة تتضمن معالجة أكثر إثارة للواقع هزت حواسنا بتوقيتها وحركتها.

ومنذ ارتقى فيلم برلين بالمنهج السيمفوني في بناء الفيلم ، تمت محاولات عدة حذت حذوه في استخدام مادة الحياة اليومية في الأفلام التسجيلية وكانت في معظمها تقوم على الجمال المبني على الملاحظة السطحية للحياة الحديثة، وهكذا غطت الكاميرا في طوافها التجارة والصناعة والمدن والضواحي والمواصلات الجوية والبرية والبحرية والأشياء العظيمة التي حققها العلم والهندسة.

جوريس إيفانز : Joris Ivens
وهو مخرج هولندي آخر سار في نفس الاتجاه ، ومن أهم أفلامه زويدرزي Zuiderzeewerken سنة 1930 عن استخلاص أراضي هذا الخليج من البحر ، وفيلم الكوبري ، والمطر ، وراديو فيليبس (ارتقاء بالدعاية التجارية) ، ثم سافر إلى روسيا حيث أخرج فيلم كومسومول Komosomolsk 1932 لحركة اتحاد الشباب، ويكشف في هذا الفيلم عن نظرة اجتماعية جديدة تماما.



ويهمنا أن نضيف إلى جوريس إيفانز أفلاما أخرى تبين تطوره في اتجاهه بالفيلم التسجيلي، فقد أخرج في سنة 1933 فيلم البوريندج Borinage عن الأحوال السيئة لعمال التعدين في بلجيكا، وقد أخرجه سرا مضطرا. ثم سافر إلى أميركا وأخرج مع أرنست هيمنجواي الأرض الإسبانية Spanish Earth سنة 1937، وكان الفيلم أكبر دعاية ضد الفاشية. وفي خلال الحرب عمل في وحدة الفيلم التابعة للجيش الأمريكي مع فرانك كابرا. ثم عمل في المجلس القومي للسينما بكندا، وأخيرا عمل لحساب الحكومة الهولندية مستشارا للفيلم في جزر الهند الشرقية. وكان مركزه في أستراليا في انتظار جلاء اليابانيين عن أندونيسيا وعودة الديمقراطية إليها. فلما انتهت الحرب ، ووجد أنه لا سلام ولا ديمقراطية قد عادت إلى أندونيسيا ، قطع علاقته صراحة بالحكومة الهولندية ، وضحى بعقده الكبير، ثم زاد على ذلك أن أخرج في أستراليا فيلم اندونيسيا تناديكم Indonesia Calling سنة 1946، وهو عن إضراب عمال ميناء سيدني ورفضهم شحن الأسلحة الهولندية التي كانت ستستخدم ضد الأندونيسيين العزل الذين كانوا يطالبون بحريتهم.

وهذا الفيلم الأخير يلخص حياة إيفانز، فقد أنتجه رغم قلة ما معه من مال، ورغم كل الصعوبات التي وضعتها السلطات في طريقه ، ولكن موقفه السليم الذي دل على متانة خلقه وإخلاصه لمبادئه ضمن له احترام وتقدير السينمائيين المخلصين في جميع أنحاء العالم. وتعد أفلام إيفانز في نظر البعض مليئة بالسياسة والدعاية ، ولكنها في الحقيقة تختلف عن مثيلاتها في أنها موجهة للناس ومتصلة بهم تماما، وتنبئ عن إيمان إيفانز القوي الذي لا يتزعزع بهم برغم قسوة الظروف. وقد عاد إيفانز بعد ذلك إلى أوروبا ليخرج فيلما عن الشعوب السلافية ، صوره في بولندا ويوغوسلافيا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا. وهو يعتبر من أكثر العاملين في حقل الأفلام التسجيلية أسفارا. فقد شملت جولاته جميع أنحاء العالم ، واعتبر ولا يزال يعتبر من أكثرهم عالمية، فالعالم بالنسبة له وحدة لا تتجزأ.

وقد ظهر للمدرسة الواقعية أتباع كثيرون، زاد عددهم بعد ظهور الصوت، هذا هو إذن منهج مدرسة أخرى واضحة لها تقاليدها في مقابل منهج المدرسة الطبيعة بتقاليدها الرومانتيكية، وهاتان المدرستان متمايزتان، ومع ذلك فهما متماشيتان معا في بعدهما عن جو الأستوديو الخانق بقيوده واصطناعه وافتعاله.


ثالثا: منهج التقاليد الإخبارية :
نعرف أن الجريدة السينمائية العادية التي تتغير مرة أو مرتين في الأسبوع ليس لها من سمات الفيلم التسجيلي غير أن كليهما ينشد مادته في الواقع الفعلي. فمهمة الجريدة السينمائية أن تقدم آخر الأنباء بطريقة وصفية بسيطة وفي أقل وقت ممكن في شكل مبوب دون تحيز أو إضفاء وجهة نظر خاصة.

أما مهمة الفيلم التسجيلي فهي على العكس فى إضفاء الجو الدرامي على الواقع، وإخضاعه لخدمة غرض خاص. فهو منهج يتطلب وقتا للتفكير ووقتا للاختيار، وكثيرا ما تكون مادة الجريدة السينمائية، أي موضوعات أخبارها، درامية في حد ذاتها كالأحداث المتعلقة بأزمة سياسية تنذر بحرب عالمية مثلا، أو فيضان نهر أو زلزال هدم المباني وشرد السكان، ولكن التناول السينمائي لهذه المادة بواسطة مصوري الجريدة السينمائية والقائمين على مونتاجها هو قطعا تناول وصفي يندر أن يكون خلاقا.إلا أن مادة الجريدة السينمائية التي تلتقط فور حدوثها كانت في أوقات شتى سببا في نشوء أفلام أقرب إلى الريبورتاج، أفلام عمادها المونتاج تندرج تحت التعريف الواسع للفيلم التسجيلي.

ولا شك في أن أشهر الأعمال المعروفة من هذا النوع هي أفلام دزيجا فرتوف Dziga Vertov صاحب نظرية الـ Kino-eye واتباعه في الاتحاد السوفييتي.


دزيجا فرتوف

ولد دزيجا فرتوف عام 1896 في بولندا، وتطوع كجندي في الحرب العالمية الأولى. وفي بداية الحرب الأهلية أصبح رئيس مصوري الجريدة بأحد جيوش الشعب، ثم بدأ يرتب مواد أفلامه بنفسه بنجاح وصل به في سن الثانية والعشرين إلى أن يعين مديرا لإدارة السينما التابعة للجنة التنفيذية المركزية لروسيا كلها في سنة 1918. وفي هذه السن المبكرة بدأ يضع نظريته التي اتبعها فيما بعد طوال حياته العملية، وهي أن الكاميرا هي عين الفيلم . وفي سنة 1919 جمع بعض أتباعه في جماعة سماها Kino-ki ـ ومعناها جماعة الـ Kino-eye. وفي سنة 1922 بدأ يصدر مجلة سينمائية شهرية سماها فيلم الحقيقة. "Kino-Pravda"، والتي تعني بالإنجليزية "film truth". وأصدر منها ثلاثة وعشرين عددا قبل أن يبدأ في عمل أفلام طويلة بنفس الأسلوب. وكان فيرتوف متعصبا لطريقته التي تهدف إلى تسجيل الحياة كما هي life caught unawares ، وفي البداية لم يكن يسمح لنفسه أو لأتباعه أن يمثلوا أي شيء أمام الكاميرا ، ولم تتحكم في مادته سوى إمكانيات الكاميرا وحجرة المونتاج .

كانت ندرة الفيلم وضآلة كمية النيجاتيف الذي كان متاحا للسينمائيين في هذه المرحلة كنتيجة للحرب والثورة هى التى علمت فيرتوف الاقتصاد التام في استعمال الفيلم ، ولعل هذا ما دفعه إلى أن يتخذ من هذا الضعف قوة ، فقد كان مضطرا إلى أن يضم لقطات قصيرة إلى بعضها ، ثم يملأ النقص بلقطات من جرائد سينمائية قديمة بل وحتى جرائد من العهد القيصري.ولاحظ دزيجا فرتوف وأتباعه أن التتابع في بعض المشاهد يخلق الصراع بين المادة القديمة والمادة الجديدة . وبهذه الطريقة دعموا أعمالهم بأسلوب درامي سينمائي جديد ، لا صلة له بأسلوب العمل في الفيلم الروائي العادي على الإطلاق .

ولقد تمادى فيرتوف في تطبيق نظريته حتى أتت بعكس المقصود منها في أحد أفلامه وهو A Man With A Movie Camera ، فهذا الفيلم وإن خلا من الناحية الدرامية ، إلا أنه يعتبر عرضا خلابا لوسائل السينما وإمكانياتها . ففي كل موضع من الفيلم يتذكر المتفرج الكاميرا على الدوام ، فهي تظهر لعينه باستمرار على الشاشة ، فمناظر الفيلم تقطع تتابعها مناظر كبيرة لعدسة الكاميرا ، وللكاميرا نفسها، ولعين المصور نفسه وهو ينظر في الكاميرا . فنحن طوال الفيلم نرقب مصورا يصور سيدة في عربة ، فنرى على الشاشة ما تلتقطه كاميرا المصور، ونرى المصور كما تراه السيدة التي في العربة ، ثم نتخذ بالتعاقب موقف الكاميرا ونرى ما تراه . وحنيئذ نرى الكاميرا ترى ما شاهدناه من قبل في اللقطة السابقة وعند هذا الحد نتوقف عن رؤية الكاميرا ونرى ما قد رأيناه لتونا وهو يطبع ويركب في المونتاج .


A Man With A Movie Camera

وبكل أسف كان هذا الفيلم وحده هو الذي عرف به فيرتوف خارج الاتحاد السوفييتي، ولكن الواقع أنه وجماعته قد نجحوا بشكل عام ، وإلا ما وصلوا إلى مرتبة القيادة في إدارة الأفلام التسجيلية للسينما السوفييتية. وكان من أفلامهم "الصراع في عهد القيصرية" ، "حقيقة لينين" ، "تقييم الفيلم" ، "لا تتوقفوا أيها السوفييت" ، "سدس العالم" ، "الربيع" ، "دعونا نعيش".

ومن أفلام فيرتوف أيضا التي يهمنا الإشارة إليها، فيلم "العام الحادي عشر"، وكان سجلا لبناء أوكرانيا خلال السنوات العشر للنظام السوفييتي . وكان موضوعه محاولة سيطرة افنسان على الطبيعة وسيطرة المدنية على البدائية ، حيث كانت الأراضي البور، والآن هناك مدن كبيرة، والماء الذي لم تكن له من فائدة ، أصبح يزود الآن مئات المنازل بالكهرباء . وهكذا استمر الفيلم يعرض المناجم والمداخن والدخان والعمال .... الخ.

وبظهور السينما الناطقة، اتسعت نظريات السينما التسجيلية documentary لتضم الميكروفون، وتصبح الكاميرا أذناً كما هي عين.

الحماس Enthusiasm

ففى فيلم الحماس، وأيا كان قد تضمن بعض ما سعى إليه فيرتوف من ناحية الصوت إلا أنه أثار نقاشا في روسيا ، فموضوعه يدور حول منطقة الدون الصناعية. حيث كان الإنتاج متخلفا في فترة معينة عن تقديرات مشروع السنوات الخمس . وكان على فيرتوف أن يمزج فيلما يستحث به الإنتاج ويزيد من سرعته ، أما عمله في الفيلم فبدأ بتصوير ظهور العقلية الجماعية كتمهيد للمعركة الحيوية في الجبهة الصناعية . وترددت الشكوى في الدوائر الرسمية من أن الفيلم يحوي كل أخطاء السينما الرأسمالية (الغربية) في الاستهانة بالصعاب والإقلال من شأنها . وعرض الطريق نحو الإتقان والكمال وكأنه طريق سهل ممهد للغاية . وكأن الفيلم بالأحرى ترنيمة ثناء على ظروف مثالية أكثر من كونه فحصا لمشاكل وضع دقيق . ولنقرب المناقشة حول هذا الفيلم إلى أذهاننا نحاول أن نتخيل المثال الآتي : المطلوب عمل فيلم تسجيلي لحث العاملين في مشروع السد العالى على الإسراع في عملهم بسبب تأخر العمل في المشروع .فلو أن الفيلم الذي صور نتيجة لهذا الظرف جاء مليئا بالثناء العاطر على القائمين على العمل ، لما حقق هدفه ، بل لضر بسير العمل في المشروع نفسه الذي جاء الفيلم أصلا ليخدمه.

ويخشى بول روثا أن يكون لدى فيرتوف الكثير من أخطاء طريقة الواقعيين الأوروبيين في تناول الموضوع ، وذلك لعدم تعمقه تحت سطح مادته ، وهو يعترف له بالتمكن من حرفيته ، ولكنه يرى أنه لا يحقق الاحتياجات الأساسية للفيلم التسجيلي بالتعبير عن المشكلات التي تعرضها موضوعاته . ويستمر بول روثا في نقد فيرتوف قائلا أو ملخصا : "إنه متنبئ ، وأيضا حي ، وأحيانا درامي ، لكن ، لا هو فلسفي ، ولا هو إرشادي ، وفيلمه " أناشيد لينين الثلاثة " الذي أجرى مونتاجه من 150 فيلما ، والذي قد يكون الأنشودة السوفيتية الأولى ، يؤكد هذا الرأي ، فهو غامض ، رومانسي ، طنان ، يفتقر إلى البناء ، ولم يستخدم الصوت استخداما خلاقا" .


أناشيد لينين الثلاثة

ولنستمع هنا إلى رأي آخر في نفس هذا الفيلم من كاترين دي لا روش : "فيلم أناشيد لينين الثلاثة من أحسن الأفلام من نوعه ، ومن أسبق الأمثلة على الواقعية الاشتراكية في الأفلام التسجيلية .. والفيلم يظهر التفاؤل والحنين في البناء الاشتراكي كعمل خالد للينين . والفيلم مبني على الروابط بين لينين والأحداث ، وعلى الروابط بين الشعب والأعمال التي أنجزها. وبدلا من التأثيرية التي تبعتها حركة السينما في أوروبا فإن هذا الفيلم يحتوي على إحساسات أعمق وجاذبية كبيرة" .

وعلى العموم فإننا إذا استعرضنا ما كتبه روثا وكاترين دي لا روش عن فيرتوف، نستطيع أن نخرج بالنقاط الآتية:
1. إنه أول من استخدم مادة الجرائد الصباحية استخداما خلاقا.
2. إنه استخدم جميع إمكانيات الكاميرا في تسجيل الواقع، صورة وصوتا فيما بعد.
3. إنه استخدم أيضا جميع إمكانيات الصوت في تسجيل الواقع.
ولكن يؤخذ عليه, أولا : تماديه في استخدام أساليب التصوير المختلفة مما أبعده في بعض الأفلام حتى عن الإبقاء على تتابع الموضوع . وثانيا : وهو الأهم، أنه لم يكن (على الأقل في بعض موضوعاته) يغوص في أعماقها بحثا عن أصولها .
وعلى كل حال، فنحن بالرغم من اختلاف الآراء حول فيرتوف، لابد أن نتذكر أثر مدرسته العام في السينما العالمية:
أولا. أثر هذه المدرسة في الاتحاد السوفييتي نفسه :
1) أصبح لها أتباعا عديدين برزت من بينهم "إسترشوب" التي حققت أعظم نجاح لها في فيلمين "سقوط أسرة رومانوف" ، و"روسيا في عهد نقولا الثاني".

سقوط أسرة رومانوف

2) إن تجارب فيرتوف في استخدام الكاميرا والمونتاج كان لها أثرها الكبير في المدرسة الحديثة للسينما السوفييتية بوجه عام. فهذه التجارب هي التي عمقها ونماها أيزنشتين وحصيلة كل هذه الجهود هي التي أعقبتها فيما بعد ثلاثة أفلام سوفييتية تعتبر من أهم أفلام السينما الصامتة بوجه عام: "المدرعة بوتمكين"، "أكتوبر"، "الخط العام".


فيلم المدرعة بتومكين

ثانيا: أما أثر المدرسة خارج الاتحاد السوفييتي ، فيمكن تتبعه في مختلف البلاد :
1. ففي إنجلترا نجد أن جريرسون نفسه بعد أن أخرج فيلمه الأول عن صيادي الرنجة Drifters سنة 1929 , جمع أغلب مادة فيلمه الثاني وهو فيلم تجريبي اسمه "الظفر" من مكتبة الأفلام.
2. وفي ألمانيا النازية استخدمت إدارة الدعاية أسلوب هذه المدرسة في إنتاج أفلام من مواد الجرائد الإخبارية ، بعد أن أضافوا إليها أجزاء صورت ، ومن هذا النوع فيلم " ليني ريفنشتال" سنة 1934، واسمه انتصار الإرادة ، الذي قامت بتصويره 36 كاميرا ، والذي يقال إن هتلر بنفسه أشرف على إنتاجه . فقد كان الفيلم عبارة عن الاستعراضات الجبارة التي صاحبت المؤتمر النازي في نورمبرج الذي نظم أصلا بقصد الدعاية . وهذا الأسلوب نفسه استخدم أثناء الحرب بهدف تمجيد النازية وإبراز قوتها. وكان هذا النوع من الأفلام أداة ضرورية لازمة للدعاية النازية سواء في الداخل أو في الخارج .

3. وفي الولايات المتحدة الأمريكية ظهرت سلسلة "سير الزمن" بعد أن ارسلوا مصورين مهرة إلى مختلف بلاد العالم للحصول على ريبورتاجات عن الجذور الحقيقية الكامنة وراء الأحداث المعاصرة وإصدارها على هيئة مجلة سينمائية شهرية بدأت أعدادها تظهر في حوالي خمس وعشرين دقيقة، ويحتوي العدد على أربعة موضوعات.

ولقد تنبأ بول روثا بأن السينما ستطور جانبها الصحفي والإخباري الصرف في مثل هذا الاتجاه الذي اتخذته هذه المجلة السينمائية مضيفا أنه مهما كانت العلاقة بين هذا الجانب الصحفي الإخباري وبين الفيلم التسجيلي فإن جذوره على كل حال تمتد إلى نفس المادة التي تلاحظ وتسجل طبيعيا وتشكل لخدمة غرض خاص.


بول روثا

4. وفي كندا تحقق ما تنبأ به روثا ، فقد نقل جون جريرسون طريقة سير الزمن ، وارتقى بها إلى أبعد الحدود حين أصدر خلال سنوات الحرب المجلة السينمائية "العالم في حركة" وفي شرح هذا الاتجاه من جريرسون ، يقول ريتشارد جريفيث : أنه لكي يلاحق الفيلم الإخباري الأحداث عليه أن يستعمل أكثر فأكثر مادة الجرائد الإخبارية .

5. وفي مصر نفسها حين تتابعت الأحداث بسرعة منذ الثورة ووقوع العدوان على بورسعيد عقب تأميم القنال ، سعينا حتى حصلنا على مادة من داخل المدينة المحتلة وأضفنا إليه مادة سبق تصويرها من قبل ، وبهذه الطريقة ظهر فيلم "فليشهد العالم". وبطريقة مشابهة أتبعناه بفيلم "سلام لا استسلام" ، وجاء الفيلمان في ذلك الوقت العصيب دليلا واضحا على أهمية هذه المدرسة السوفييتية صاحبة التقاليد الإخبارية ، وعلى رأسها فيرتوف ، أول من نادي بالاستعمال الخلاق للمادة الإخبارية .


رابعا: منهج التقاليد الدعائية :
سبق أن لاحظنا صلاحية الفيلم الخاصة كوسيلة للدعاية، لذلك لا يدهشنا أن نجد أنه جنبا إلى جنب مع تطور الفيلم التسجيلي، كان هناك ميل متزايد للتوصل إلى قدرة الفيلم على الاستمالة والاستفادة منه . ونلاحظ أنه بينما ظلت السينما التي تخدم أهداف الربح تلتزم بالتقاليد المسرحية ، فإن السنيما التي تابعت أهداف الدعاية والاستمالة يرجع إليها فضل كبير في منهج الفيلم التسجيلي . ولا شك أن السينما كأداة للدعاية السياسية قد شكلت المدرسة السوفييتية وطبعتها بطابعها الخاص .

وتنقسم هذه المدرسة إلى فروع مختلفة بحسب البلاد التي ظهرت فيها :
1. الفيلم السوفييتي :

كانت للسينما السوفييتية في طورها الأول أيديولوجية، أو منهجا في التفكير يختلف تماما عن ذلك الخاص بالإنتاج الأوروبي والأمريكي، فهدفها الكامل هو الدعاية بأقوى معانيها للاتحاد حديث التكوين ، فقد أملت الدولة أن تستميل شعبها ، وترشده إلى المعتقدات الاجتماعية الجديدة بأن تعرض على نطاق واسع أفلاما درامية تستعيد الأحداث والظروف التي استحثت ثورة العمال أو أسرعت بقيامها . واعترفت بالسينما كأداة لها خواص إقناعية لا تضارع ، وطالما كانت تعبر عن الهدف الأساسي بوضوح وحيوية ، كانت تتاح للفنان حرية حرفية ملحوظة ، ولا شك أن نقص المواد الخام وندرة الأجهزة بالإضافة إلى هجرة الكثير من السينمائيين قد حفزت إلى التجربة ، لكن الدافع السياسي كان الملهم للقوة الحقيقية والحيوية للأفلام السوفييتية الأولى الجيدة . لقد اقتبست العديد من الأفلام الأولى أساليب المسرح وأفكاره ، وكانت تلك الأفلام مماثلة للأفلام الروائية الأمريكية والأوروبية ، وإن كانت أكثر منها ركاكة وفجاجة . ولكن حيوية موضوعاتها إلى جانب مغزاها المعاصر ومقتضيات البيئة الواقعية ، دفعت إلى الانطلاق بعيدا عن السوابق المسرحية ، وأوحت بتجربة مع السليلويد نفسه .

ويرجع الفضل في هذه المحاولات الأولى إلى كل من كوليشوف وفيرتوف . وذلك بما قام به الأول من تجارب علمية تتعلق بتداعي الصور ، وما قام به الثاني من صياغة مادة الجرائد الإخبارية لتحقق هدفا أعظم من مجرد وصف الحدث ، ويكفي أنه من هذه النظريات نبتت أفلام أيزنشتين وبودفكين الثورية الكبرى ، المدرعة بوتمكين ، أكتوبر ، الأم ، نهاية سانت بطرسبورج ، تلك الأفلام التي استفادت من المنظر الحي سواء كجزء مكمل للقصة أو كباكجراوند يمكن استخراج النماذج العادية منه. وقد اختار بودفكين منهج استخدام الأفراد فقد استعمل الممثلين أحيانا للتعبير عن روح الجماهير, بينما استخدم أيزنشتين في أفلامه الثلاث الأولى الجماهير ككل ليعبر عن موضوعه بشكل غير شخصي . وقد
الملاك البرىء
الملاك البرىء
مشرف
مشرف

عدد الرسائل عدد الرسائل : 1718
العمر العمر : 35
الموقع الموقع : الزقازيق
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : خريجة للأسف
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 15/03/2009

http://yahoo.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى