من فيديو لصورة مناورات مرفوضة

منذ بدء أزمة كامليا شحاتة في شهر يوليو من العام الماضى والمتسبب في الأزمة يخرج على القانون، ويلجأ للمناورات لفرض رؤيته ووصايته على الجميع، وهو مسلك يقوض سيادة الدولة على مواطنيها ويهدر القانون ويدوس عليه ويمتهن الأمة. هو سبب اشتعال الغضب بالأساس؛ وللإسف وبعد الثورة لم يدرك بعد قادة الكنيسة الواقع الجديد ومازالوا يبتعدون عن الحل كثيرا، ويخوضون في مناورات فجة لن تزيد الموقف إلا تأزماً كلما مر الوقت.

منذ البداية والقيادات الكناسية تعتمد سياسة والمناورات التي أنتجت ظلمات من الأكاذيب بعضها فوق بعض.

بداية زعمت أنها مخطوفة، فتظاهرت، ودعى كهنتها للاعتصام، وتابع كبيرهم الموقف لحظة بلحظة من أمريكا، ثم تراجعت وقالت : خلافات أسرية بينها وبين زوجها، ثم نكصت على عقبيها، قالت : أنها تعرضت لغسيل مخ، ونحن سنقوم بعملية غسيل للمغسول، واعترفت : أنها تسلمتها من جهاز أمني وأنها بحوزة الكنيسة بجهة غير معلومة مع اعترافهم بتشابه حالتها مع حالة وفاء قسطنطين، وهذا اعتراف ضمني من الكنيسة بأنها أسلمت. بالإضافة لاعترافها الصريح بأنها سُلِمت على غير وفق إرادتها، واحتجزت على غير وفق إرادتها.

ومنذ هذه اللحظة فكامليا شحاته ليس لها إرادة حرة، والكنيسة خصم ومتهم أصيل. كما أقرت على نفسها بالكذب في هذه القضية حين قالت: أنها مخطوفة وأثارت الدنيا، ثم نفت ما قالته، والكاذب لا قول له ولا شهادة له تصدق، كما أنها صاحبة مصلحة في مخالفة الحقيقة.

ولما هتك سترهم وفضح أمرهم وظهرت شهادات الرجال قبل الخامس والعشرين من يناير، وخرجت المظاهرات العديدة ــ في ظل النظام القمعي السابق الموالي للكنيسة ــ للوقوف في وجه الظلم المتثل في التعدي على إرادة المواطنين. وأضحت الكنيسة النظام معا تحت ضغط هائل كان يتصاعد يوما بعد يوم. وكانت الرسالة واضحة ليس بها لبس ولا التواء لتخرج كامليا ولتمارس حياتها بصورة طبيعية مثلها مثل بقية خلق الله في مصر.

ناورت الكنيسة للالتفاف على الموقف بشريط مصور سيء السمعة لفتاه تقول : أنها كامليا؛ ادعت فيه أنها تقيم بأحد الأماكن التابعة للكنيسة.

الذين يستندون لهذا الشريط سواء وقتها أو الآن، فاتهم عن غفلة أو عن عمد ليهربوا من المسئولية الأخلاقية أن الكنيسة صرحت في ذات الوقت أنها لا تعرف عن هذا الشريط شيء، أي أنها لا تتحمل مسئوليته، فسند براءة الكنيسة ــ كما يزعم ــ تبرأت منه الكنيسة.

ثم أن هذه لم تكن القضية الأساسية، وإنما كان المطلب الحرية، الحرية للمواطنة المصرية كامليا شحاته زاخر مسيحية كانت أم مسلمة.

الكنيسة مؤسسة دينية لها أن تؤدي دورها في حرية تامة في إطار القانون العام؛ فهي ليست جهة احتجاز أو تسلم مواطنين أو تقيد حريتهم بأي صورة من الصور.

هذه ليست المرة الأولى؛ الكنيسة تحتجز أعداد من الرجال والنساء، وتمارس عليهم أنواع من الضغوط والإكراه، هؤلاء جميعا مثلهم مثل كامليا، ومن غير المقبول حصر المسألة في كامليا.

الكنيسة متهم رئيسي فهي مشاركة مع أمن الدولة في الخطف والاحتجاز دون سند قانوني؛ بجانب تضارب أقولها في القضية على الوجه السابق، فأقوالهم غير معتبرة. فمن ثم صار الأمر كأن شيئا لم يكن، لأن المطالب واضحة لا لبس فيها الحرية، الحرية، ولا يهم إن كانوا نصارى أم مسلمون.

المواطنون لا يمارس السيادة عليهم إلا القانون وجهاته التنفيذية، فاستمرت المظاهرات والاحتجاجات، حتى جاء الخامس والعشرين من يناير، ورحل مبارك الذي بكت الكنيسة رحيله.

ولكن الكنيسة لم تعِ بعد المتغيرات الجديدة في المجتمع، وأن الذين طالبوا بالعدالة والحرية في ظل نظام قمعي سيكونون أشد عودا وأقوي صلابة. أو ربما تعي؛ وتسعى لأمر آخر يهدد الحالة الجديدة في المجتمع.

فالكنيسة هي التي زعمت أن كامليا شحاته مخطوفة، وهي التي تظاهرت وفخخت الوطن من أجلها، وهي التي تسلمت كامليا شحاته، وهي التي أخفتها في جهة غير معلومة.

ومع كل هذا تنفي علاقتها بكامليا شحاته وتلتزم الصمت ثم تطلق أفرادا ليتحدثوا بشأن كامليا شحاته لجس النبض، وحتى لا تلزم بقول فمن السهل أن تقول هذا ليس محامي الكنيسة ، وذلك الشخص لا يمثل إلا نفسه، وهكذا فما هي إلا مناورات من ورائها مناورات.

في الإطار القانوني تأتي المناورات في الشكل والإجراءات والجميع يتجنب مناقشة الجوهر، من أنتم، ما هي صفتكم ،اختصموها، ابلغوها على عنوانها، ابحثوا عنها. وبالرغم من أنها أسئلة لا معنى لها صحيح في نظر القانون، فاتهم عن عمد أن يسئلوها لمن تظاهروا واحتجزوها في السابق.

المخطوف لا يبحث عن عنوانه، الكنيسة متهمة بالتعاون مع أمن الدولة باحتجاز كامليا، وإن كانت أطلقت سرحها فإلي أين ومتى؟

التلاعب القانوني والحيل لن تجدي، هذا الأسلوب قد يفلح في قضايا المخدرات مثلا، حين يتحدثون عن أمر الضبط والإحضار وتاريخه وما شاكل ذلك من الثغرات الإجرائية.

ولكن الذين يذرفون الدمع على الوطن أما يجب عليهم أن ينصحوا الكنيسة أن تكون على مستوى المسئولية، وتقوم بما يجب عليها من التزام الصدق والطهر وألا تدخل في مثل هذا المنزلق، وتتجنب تلك السقطة الأخلاقية، حرصا على مصدقيتها وحرصا على الوطن.

أم أن أمن الوطن يسير في اتجاه واحد فقط، والاتجاه الآخر عكسي، يبحث عن تفجير المشاكل وإثارة المتاعب. خاصة وأن الكنيسة كانت تنصح اتباعها بعدم الخروج في الثورة؛ بل خرج قادتها في مظاهرات حب للرئيس المخلوع، ومحامي كامليا والكنيسة المدافع عن حقوق الإنسان أصدر بيان باسم حقوق الإنسان يحث فيه اتباع شيعته ألا يخرجوا في مظاهرات الثورة ، ومن أيام قلائل خرج ليقول نحن لا نريد هذه الثورة.

واستمرارا في منهج المناورات وجس النبض وتحت الضغوط خرجت الكنيسة تروج برسائل في شتى الاتجاهات؛ كامليا ستظهر في قناة تلفزيونية، ستظهر على فضائية مسيحية ، على التلفزيون المصري، على فضائية محترمة، لن تظهر لأن الكنيسة لا سلطة لها عليها. وهي رسائل غير مقبولة فالحل واضح الحرية لكامليا، الحرية لها ولتكن ما تشاء.

شاء القدر أن أمكث بمقر أمن الدولة فترة، فالتقيت بمجموعة وشاهدت ما حدث معهم في التحقيقات، وكيف لفقت لهم قضية؛ المقصد أن هؤلاء قد نشرت لهم جريدة الأهرام : (أنهم يطلبون من النيابة استمرار الحبس ويرفضون إخلاء السبيل نظرا لما يلقونه من حسن المعاملة في السجن). هذه ليست مزحة سخيفة ولكنها حقيقة؛ فترى هل سيختلف الأمر كثيرا مع كامليا.

النيابة لم ترسل استدعاء لكامليا على الكنيسة، النيابة أرسلت ولكن الكنيسة لم تستلم، الكنيسة ستسلم كامليا للنيابة خلال يومين، كامليا ستمثل أمام النيابة يوم 24 مايو، الكنيسة تنفي هذه الأنباء، الأمر مازال قيد الدراسة والتشاور، وهكذا رسائل مختلفة بهدف المناورة، وكسب الوقت للتحضير لأمر ما.

أمن الدولة حين كان يريد أن يجعل شخص يعترف أمام النيابة بما يريد؛ ماذا يفعل؟ يأتي بالشخص وبعد تعذيبه وإجباره وتلقينه لما يقول، يختبره. يستدعي سيارة الترحيلات ثم ينتقل به ويدخله إلى مكتب مشابه تماما لمكتب وكيل النيابة ويحاكي الأمر تماما، ثم يبدأ وكيل النيابة المزعوم في سؤاله، فإن ثبت على أقواله، اطمئن وأرسله للنيابة، وإن ظن المسكين أنه أمام النيابة حقا فقال الحقيقة، أظهروا له حقيقة الخدعة وعاودوا كرة التعذيب عليه، ثم أرسلوه للنيابة، وهنا لا يدري المسكين هل هي خدعة كاسابقتها أم حقيقة فيجد نفسه يقر بما أملي عليه.

لا يصح أن تكون الجهة المتهمة بالاحتجاز والإكراه، هي المالكة والمسيطرة على المحتجز وهي التي تقرر إرساله للنيابة العامة متى وكيف.

إن تلك الطريقة في المناورة تفتح باب الشرور، فيستطيع أي مجرم أن يقتدي بالكنيسة، ويخطف ويحتجز أي إنسان آخر، ويخرج يصرح ويقول هو في مكان غير معلوم، ثم بعد أسابيع يخرج ليقول كان يستجم عندي في شاليه أمتلكه في العجمي ثم انطلق ولا أعرف عنه شيئا، راسلوه على عنوانه السابق. هل هذا هو ما تؤسس له الكنيسة.

صورة لكامليا مع ابنها بصحبة زوجها ومحامي الكنيسة، وناشط حقوق الإنسان المحرض على الثورة، أصبح موكلا عن كامليا، هل يصح أن تكون وكيلا عن الجاني والمجني عليه في ذات الوقت، لا داعي للمناورة محامي كامليا لا يكف ولا يمل من الصياح بأنه محامي الكنيسة سواء كان صادقا في ادعائه أم كاذبا. الصورة إن صحت لا تنفي الإكراه، والتوكيل في الحقيقة يؤكد الإكراه لا ينفيه. فإنما هي ظلمات بعضها فوق بعض يراد بها تفخيخ الوطن وتهديد أمنه واستقراره وبث مناخ من الطائفية والكراهية، وليست هناك رغبة صادقة في إيجاد حلول .

من فيديو لصورة مناورات مرفوضة

من فيديو لصورة مناورات مرفوضة

من فيديو لصورة مناورات مرفوضة :: تعاليق