الحاجز النفسى المتين و كره الإخوان أو السلفيين

و صلنا فى هذه الأيام إلى حالة يرثى لها من الخلاف و الانقسام الفكرى ، فلم يعد التصنيف الآن يتدرج بين مؤيد و معارض ، و لكن وصلنا إلى حالة تتدرج بين الاتباع الأعمى و بين العداء .
و بين ثنايا هذا المقال نتعرض لسبب مهم من أسباب وجود حاجز نفسى بين البعض و بين التيارات الإسلامية أو ما يطلق عليهم الإسلاميين و إن كنت معارضاً لذلك التصنيفات الإعلامية .
و دخولاً فى الموضوع ، أذكر أنّى - و عن تجربة شخصية - و قبل ذهابى إلى الجامعة كانت أمامى بعض النصائح و التحذيرات ، أما عن التحذيرات فكان أهمها من الاتصال بأى جماعات معارضة أو إخوان أو ما شابه ذلك ، و كان السبب بكل بساطة " احنا غلابة .. خلينا فى حالنا " ... أعتقد أنّى لم أكن الوحيد الذى تلقى تلك التحذيرات .
بالفعل .. حاولت أن آخذ بهذه التحذيرات ، و أن أبتعد عن أى من هؤلاء ، و لكن فساد و جور النظام المخلوع كان أكبر بكثير من أن يبعدنا عن أى اتجاه معارض ، أخلص مما ذكرت أن قمع النظام السابق لمعارضيه و لكل من يريد بالبلاد الخير ، جعل البعض - و لن أخطىء حين أقول " الكثير " - منا يتلاشى الاتصال ببعض التيارات المعارضة لهذا النظام أو أتباعها و على رأسهم الإخوان المسلمين لا اعتراضاً عليهم و لكن خوفاً من أن يصبهم بعض الذى أصابهم من جور و اضطهاد ، و لن يكون إلا جاحداً من ينكر أن هؤلاء عانوا الكثير و الكثير من الاضطهاد و الجور ، فمنهم من تركوا و ظائفهم و منهم من أودعوا المعتقلات بدون محاكمات ، و حرم أبناءهم و ذويهم من فرصهم فى الكثير من المواقع .
و لذلك و بمرور الوقت و مع الخوف من الاتصال بأى ممن ذكرت تزداد حالة الجفاء و يصبح من يخشى الاتصال بهم شخصاُ يسمع من طرف واحد ، فهو يخشى أساساً من أن يسمع منهم أو يتواصل معهم أو أن يحلس مع أحدهم ولو بالصدفة ، فلا شك و لا عجب أن يُكَّوِن هذا الشخص أفكاراً معارضة لهؤلاء الإسلاميين أو الإخوان ، فهو فقط ترك نفسه ليستمع إلى رأى و ترك الآخر ، بل ترك نفسه للرسائل الموجهة من النظام الفاسد الذى من المنطقى أن تكون كل رسائله موجهة لتشويه كل معارضيه و على رأسهم أيضاً الإخوان و السلفيين و أتباعهم .
و كما قال الكثيرون ، المخطىء - و لن أقول الفاشل - دائماً يحاول تشويه و نقد الشخص الأفضل منه لأنه لا يستطيع أن يصل إلى مكانته ، فلكى يريح ضميره ، يحاول أن يوهم نفسه بأن الشخص هذا فيه عيوب كثيرة ، فمنا - و على سبيل المثال - من ينتقد من يطلق لحيته ، مع أنها سنة عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم ، محاولاً أن يريح ضميره بمحاولة البحث عن الامثلة السيئة لمن يطلقون لحاهم و نسى أنه لا شخص كامل فوق هذه الأرض ، و ذلك ليقنع نفسه أنه أفضل منهم ، و هكذا فى كل شىء منّا من يحاول أن يقنع نفسه أن الإخوان و السلفيين و من شابههم بهم عيوب كذا و كذا فقط لإيهام نفسه أنه الأحق و الأصح و الأفضل .
لا أريد - و الله أعلم - بكلامى هذا أن أروج لفكر معين ، و لكن فقط أحاول أن أعيد التصنيف - الذى تحدثت عنه فى البداية - إلى محله ، و أن نجعل للخلاف الفكرى الأيديولوجى حدود ، فأنت مؤيد أو معارض لفكر معين لا عدو له و لأتباعه ، فنحن عدونا فى هذا الوطن و هذه الأمه واحد يسعده كثيراً خلافنا و ترعبه وحدتنا ، و لن تقوم لبلادنا قائمة إلا بنا جميعاً ، فلنجعله اختلاف لا خلاف .



" عمر فتحى"